الأوهام الأربعة فى منهج فرنسيس بيكون
----------------------------------------------------
قد لاحظ بيكون أن العقلية الإنسانية قد رسخ فيها على مر العصور من الأوهام والخرافات والتقاليد الفاسدة ما بعد بها عن جوهرها الصافى ومعدنها الأصيل، ونحن فى تصوره معرضون للوقوع فى الخطأ وهو يجمل هذه الأخطاء أو الأوهام التى تراكمت على العقل الإنسانى فى أربع:-
1- أوهام الجنس Race :
إنها ظاهرة بشرية وداء عام مشترك بين بنى الإنسان، أى خاصة بالجنس أو النوع الإنسانى كله ومتأصلة فى تركيب العقل الإنسانى، فتكون كالمرآة الزائفة التى تفسد الأشكال والصور، فالعقل لا يقبل إلا ما يوافق غروره ولا يلتفت إلى التجارب التى لا ترضى هواه، وهكذا يكون تفسيرنا للخرافات كالسحر والأحلام والتنجيم، تلك رذيلة جماعية بسبب تحكم أمانينا فى إتجاه تفكيرنا.
2- أوهام الكهف Cave:
وهى نقاط الضعف البشرية فى كل شخص، وهذه لا حصر لها ولا عدد ويقرر بيكون أن ما يحيط بكل فرد من ظروف وملابسات الحياة ومقومات شخصية خاصة كالمستوى الثقافى وطبيعة المهنة والبيئة الإجتماعية، كل هذا يحصر عقلية الفرد فى إطار معين من التفكير ويفرض عليه نوعاً من العزلة كأنه فى واد بعيد أو كهف، وقد أشار أفلاطون إلى هذا النوع من الوهم فى أسطورة الكهف، فكل فيلسوف سجين كهفه وهو لا يفكر إلا طبقاً لمزاجه الخاص.
3- أوهام السوق Market - Place:
وهى الأخطار الناجمة عن ميل الذهن إلى الإنبهار بالألفاظ وهو خطأ يتفشى فى الفلسفة بوجه خاص، وقد نشأ نتيجة لغة التخاطب بين الجماعات المختلفة، يلتقى الناس فى المقاهى والأندية العامة والأسواق التجارية وغيرها من مواطن الإجتماع فيتحادثون فى مختلف الشئون بلغة مشتركة بعيدة عن المنطق، وفى ظل هذه اللقاءات تفقد الألفاظ دلالتها الحقيقية وتعجز اللغة عن تحقيق وظيفتها التى هى التعبير الصادق عما يستقر فى الذهن.
4- أوهام المسرح Theatre:
وهى الأخطاء التى تنشأ عن المذاهب والمدارس الفكرية أو التى تنشأ نتيجة للتأثر بالقيادات أو الأشخاص ذات التأثير العميق على بعض الأفراد، وهنا يقصد بيكون أرسطو بوجه خاص، فيفتن الناس فى كل زمان بمشاهير الرجال ويتلقون أرائهم بالتسليم والقبول دون أن يتطرق إلى أذهانهم الشك فى صحة هذه الأراء، مثال ذلك ما حدث لمعاصر بيكون ( جاليليو ) فقد قرر هذا العالم أنه لو قذف من مكان عال بحجرين أحدهما يزن رطل والأخر عشرة أرطال، فإن كلاهما يصل فى نفس الوقت، وقد أجرى جاليليو هذه التجربة على ملأ من أساتذة الجامعة، ورغم نجاحها وصدقها واقعياً إلا أن المشاهدين كذبوا أعينهم وذلك لأن أرسطو قال بعكس ذلك.
هذه هى أوهام الخاصة من العلماء والفلاسفة وعلينا إذاً تخليص العقل من الأوهام وأن نستبدله بعقل سليم، لهذا أراد بيكون وضع أصول منهج جديد يقضى على جميع الأفكار الخاطئة.
---------------------------------------------------------------
أتمنى لكم الإستفادة من الموضوع