أخرج مسلم عن أبى ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أنه قال:)يا عبادي،إنكم الذين تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم(. وهذا معنى قوله تعالى: (لا تَقنَطُوا مِن رَحمةِ الله إِنَّ الله يَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) وتنبيه إلى أن الخطأ من طبيعة الإنسان.
التوبة وحقيقتها
قال رجال السلوك: التوبة أول منزلة من منازل السالكين، وأول مقام من مقامات الطالبين.
وهي في لغة العرب: الرجوع. يقال: تاب، أي رجع. فالتوبة: الرجوع عما كان مذموماً في الشرع إلى ما هو محمود فيه.
فإن كانت معصية بين العبد وبين الله تعالى، فلا تتعلق بحق آدمي، فلها شروط ثلاثة: أحدها: أن يقلع عن المعصية.
الثاني: أن يندم فعلها.
الثالث: أن يعزم على ألا يعود إليها أبدا.
فإن كانت معصية تتعلق بحق آدمي فشروطها أربعة هذه الثلاثة المتقدمة.
والرابع: أن يبرأ من حق صاحبها.
ما يكفر ما تقدم من الذنوب
عن عثمان أنه دعا بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه ثلاث مرات. ثم أدخل يمينه في الوضوء. ثم تمضمض واستنشق واستنثر. ثم غسل وجهه ثلاثا. ثم مسح برأسه. ثم غسل كلتا رجليه ثلاثا. ثم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا وقال: )من توضأ نحو وضوئي هذا. ثم صلى ركعتين لا يحدث نفسه فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه(.
أخرجه البخاري ومسلم والإمام أحمد عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه(.
ما يغفر الذنوب بوجه عام
عن أبي سعيد الخدري، وأبى هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم قال: )ما يصيب ابن آدم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه(.
أخرجه البخاري ومسلم عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر الله لهما قبل أن يتفرقا(.
عن أبي أيوب الأنصاري: أن رجلا قال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة. فقال القوم: ماله؟ ماله؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: )تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة وتصل الرحم(.
أخرجه البخاري
سعة رحمة الله تعالى
قال الله تعالى: (إِنَّ رَحمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحسِنِينَ).
فالإحسان في العمل، وعمل الصالحات هو الذي يقرب من رحمة الله تعالى، وليست رحمته تنال بالتمنى، ولكن شرطها الإحسان.
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )إن الله عز وجل لما قضى الخلق، كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي تغلب غضبي(. وفي رواية: سبقت غضبي.
أخرجه البخاري ومسلم