تناول تقرير الامم المتحدة للتنمية البشرية العربية لعام 2009 الصادر في بيروت الثلاثاء 21-7-2009 مسألة التحديات التي يتعرض لها امن الانسان العربي متحدثاً عن تهديد للحريات وممارسات تعذيب عدة وبطالة والإساءة للمرأة وفقر وتصحر.
وأطلق التقرير في احتفال اقيم في القصر الحكومي برعاية رئيس وزراء تصريف الاعمال فؤاد السنيورة بحضور حشد سياسي واجتماعي وإعلامي وخبراء.
وتتناول الدراسة الحالية موضوع امن الانسان في البلدان العربية انطلاقاً من الاطار الذي وضعه "تقرير التنمية البشرية" لعام 1994 حول امن الانسان، وينطلق هذا التقرير من ان جوانب القصور التي حددت معالمها التحليلات الواردة في تقرير التنمية الانسانية العربية الاول ربما تكون بعد مرور سبع سنوات على اصداره قد ازدادت عمقاً.
وقالت د. هيفاء أبو غزالة، الامين العام للمجلس الوطني لشؤون الاسرة في الأردن، في لقاء مع "العربية" إن التقرير لم يقدم جديدا بالنسبة للمشاكل التي يعاني منها الوطن العربي. وأضافت أن "التقرير طرح الصعوبات ولم يطرح الحلول".
وجاء في التقرير ان "اجهزة الدولة تمارس انتهاكها حقوق المواطنين في الحياة والحرية من خلال التعذيب والاحتجاز غير القانوني".
وقال التقرير الذي وقع في 288 صفحة "في اعقاب احداث 11 سبتمبر/ايلول 2001 اصدر معظم البلدان العربية قوانين لمكافحة الارهاب تقوم على تعريف فضفاض لمفهوم الارهاب ومنحت هذه القوانين الاجهزة الامنية في الدولة صلاحية واسعة في بعض المجالات التي تشكل تهديداً للحريات الاساسية في مواضيع اخرى".
اضاف التقرير الذي جاء تحت عنوان "تحديات امن الانسان في البلدان العربية" أن "اجهزة الدولة تمارس انتهاكها حقوق المواطنين في الحياة والحرية من خلال التعذيب والاحتجاز غير القانوني ودونت المنظمة العربية لحقوق الانسان امثلة على ممارسات التعذيب في ثماني دول عربية بين عامي 2006 و2008". لكن التقرير لم يسم هذه الدول.
ويعد التقرير الحلقة الخامسة في سلسلة تقارير التنمية البشرية التي يرعاها برنامج الامم المتحدة الانمائي ويضعها باحثون عرب ودوليون من وجهة نظر مستقبلية.
واكد السنيورة في الاحتفال انه "من دون النجاح في الوصول الى حل لازمة الصراع العربي الاسرائيلي حلا نهائيا وعادلا لن نتمكن من حماية الامن الانساني العربي".
وقال "لا نمو ولا تنمية ولا تقدم ولا تطور ولا رفاه بالقدر الذي نحتاجه في العالم العربي مادام الكيان الاستيطاني الاسرائيلي مستمرا في فرض هذا الصراع وبشكل متصاعد منذ أكثر من 60 عاما".
واشار التقرير الى ان "الذي يهدد امن الانسان العربي يتجاوز مسألة النزاعات المسلحة ليشمل قضايا اخرى اساسية منها التدهور في البيئة والوضع الهش لعدد كبير من الفئات الاجتماعية والتقلب الاقتصادي الناتج عن الاعتماد المفرط على النفط والانظمة الصحية الضعيفة وعدم خضوع الاجهزة الامنية للمساءلة".
وتحدث التقرير عن احكام عرفية مشيراً الى ان الكثير من مواطني البلدان العربية يعيشون في حالة من "انعدام الحرية".
وأكد التقرير ان "العلاقة بين الدولة وأمن الانسان ليست علاقة سليمة، ففيما يتوقع من الدولة ان تضمن حقوق الانسان نراها في عدة بلدان عربية تمثل مصدرا للتهديد ولتقويض المواثيق الدولية والاحكام الدستورية الوطنية".
وشدد هذا التقرير على ان "اخفاق الدولة الذي يكمن وراء ازمة دارفور يقدم دليلا واضحا على مدى تأثير اداء الدولة في امن الانسان".
اما بالنسبة لاوضاع اللاجئين فان التقرير اوضح ان المنطقة العربية تتميز بوضع فريد بين مناطق العالم اجمع فهي المنطقة التي تلتقي فيها قضية اللاجئين الاطول عهدا في كل انحاء العالم اي قضية الفلسطينيين بتلك الاحدث عهدا في درافور.
وقال تقرير للامم المتحدة الاسبوع الماضي ان الوضع بالنسبة للمدنيين في دارفور لايزال "مقلقاً للغاية" حيث نزح 6ر2 مليون شخص ويحتاج 7ر4 مليون الى المساعدة.
وتطرق تقرير التنمية البشرية الى مسألة العنف ضد النساء حيث دعا البلدان العربية الى "سن القوانين الكفيلة بحظر زواج الفتيات قبل بلوغهن سن الرشد اي الثامنة عشرة".
وافاد التقرير بان هناك 65 مليون عربي يعيشون في حالة فقر، مشيرا الى ان البطالة تعد من المصادر الرئيسية لانعدام الامن الاقتصادي في معظم البلدان العربية.
وقال ان معدلات الفقر العام تتراوح بين "6ر28% و30% في لبنان وسوريا في حدها الادنى ونحو 9ر59% في حدها الاعلى في اليمن ونحو 41% في مصر".
وحسب التقرير فإن معدلات البطالة المحلية تتفاوت بدرجة ملموسة بين بلد وآخر "اذ تتراوح بين 2% في قطر والكويت ونحو 22% في موريتانيا غير ان البطالة في اوساط الشباب تمثل في كل الاحوال تحديا جديا مشتركا في العديد من البلدان العربية".
واوضح التقرير ان اتجاهات البطالة ومعدلات نمو السكان تشير "الى ان البلدان العربية ستحتاج بحلول عام 2020 الى 51 مليون فرصة عمل جديدة ويبلغ معدل البطالة بين الشباب في العالم العربي ما يقرب من ضعف ما هو عليه في العالم بأسره".
ووفقا لتقرير التنمية البشرية فإنه "غالبا ما تنعكس البطالة بصورة غير متوازنة على الاناث، فمعدلات البطالة بين النساء في البلدان العربية اعلى منها بين الرجال وهي من المعدلات الاعلى في العالم اجمع".
ودعا التقرير الدول العربية الى التركيز على "اعادة هيكلة النظام التربوي التعليمي من اجل سد فجوات المهارة".
اما بشأن التقلبات المناخية فقال تقرير الامم المتحدة ان المنطقة "توشك ان تقع ضحية مباشرة لتغيير المناخ"، وتحدث عن ندرة المياه في البلدان العربية مشيراً الى مخاطر التصحر والضغوط البيئية التي تهدد امن الانسان.