جرت حياة الرسول عليه الصلاة والسلام -الخاصة والعامة- على قوانين الكون المعتادة؛ فلم تخرج -في جملتها- عن هذه السنن القائمة الدائمة.
هو -من حيث أنه بشر- يجوع ويشبع، ويصح ويمرض، ويتعب ويستريح، ويحزن ويسر، ولكن
ما حياته العامة -رسولاً يبلِّغ عن الله ويربِّي المؤمنين، ويقاوم الكافرين، ويدأب على نشر دعوته حتى تؤتي ثمارها في الآفاق- فلا شك أن القرآن العزيز هو مهادها وبناؤها.
والفارق بين توجيه العرب بالقرآن وتوجيه اليهود بنتق الجبل، كالفارق بين صوت الإرشاد يهدي العاقل إلى الطريق، وسوط العذاب يلسع الدابة البليدة لتمضي إلى الأمام، فلا تسير خطوة إلا رمت بعجزها إلى الوراء خطوات.
وكان عبدالله بن رواحة ينشد:
وفينا رسول الله يتلو كتابه
ذا انشق مكنون من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا
ه موقنات أنَّ ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه
ااذا استثقلت بالمشركين المضاجع
ولم يكن محمد (صلَّى الله عليه وسلم) يعرف الغيب. كان كأي بشر آخر لا يدري ماذا يكسب غداً؟!.
ولا ينبغي أن ينتظر منه شيء من ذلك بعد أن انتهى إليه أمر الله:
{ققُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.